أكبر تحدي بيواجه المدونين المصريين هو محاولة مواكبة الاحداث الكثيرة والمتلاحقة اللي بتحصل. الهم العام والسياسة بياخدوا مساحة كبيرة من مجمل المدونات المصرية ودا لأسباب كتير. المهم أننا قررنا بدون سابق تنسيق من أي نوع، وفي حالة عشوائية بحتة اننا كشباب بيعبر عن افكاره باستخدام الوسائط الحديثة اننا نتكلم عن أمور عامة، اجتماعية وسياسية في اغلبها، ودا بيعكس احساس بالمسؤولية ووعي، حتى لو كان مشوش وغير ناضج في معظم الأحيان لصغر سن المدونين، لكن ما لا شك فيه هو انه أيا كان نوع هذا الاجتهاد التدويني فهو يعكس نوع من الوعي والاهتمام بمجريات الاموربداية غريبة للموضوع.. بس كان لازم اكتبهاموضوعي هو مأساة انسانية بكل المقاييس.. تتلخص في ثلاث حروف.. غزةغزة ليست كلمةغزة أرض وبشر وقضية لا تسقط بالتقادمقضية انسانية.. قضية حق في الوجود.. حق في الحياة.. وهذه هي أول حقوق الانسانأطلقت العنان لدموعي بالامس.. أطلقت العنان لغضبي.. أطلقت العنان لمشاعري البدائية تستحوذ وتنفس عما فاض به قلب اعتصر من الألمبس أنا كمدونة، دوري هو الكتابة ومخاطبة العقل وليس لعب دور المعددة الذي لا اجيده.. وهي مهنة لها احترامها من تراثنا الشعبي.. وقد تساعد من فقدوا عزيزا في التعبير عن حزنهم واخراج كل شحنة مشاعرهم بشكل مكثف وقوي في نوع من العلاج النفسي.. زي الزار مثلا، كتفريغ لشحنة عاطفية في شكل صاخب يؤدي بعد بلوغ ذروة الانفعال إلى حالة من الهدوء والراحة. ودا اللي بيخلي ناس كتير متعلمة وفاهمة تلجأ لاساليب بدائية للتعامل مع مشاكلهم النفسية والعصبية، لأن احساس الراحة اللي بيتبع هذه الهيستيريا الجماعية بيخدع صاحب المشكلة بايحائة ان المشكلة اتحلت واتبخرت. ولأنه مجرد ايحاء، فسرعان ما يزول أثره وتجد الزار منصوب مرة اخرى بعد فترة، وهكذاالمشهد الذي نراه الآن في غزة هو مشهد متكرر، واسلوب علاجنا له هو ذاته لا يتغير. الشهداء يتساقطون والهيستيريا الجماعية تشتعل في زار من الولولة يصل إلى الذروة ثم يخمد فجأة مثلما انفجر فجأة، وكأن المشكلة قد حلت.. وكأن فلسطين لم تعد محتلة.. وكأن الضحايا لا يتساقطون كل يومهل من السماجة ان اكتب مقالا عاقلا في هذا التوقيت السيء؟ هل من الجنون أن اخاطب العقول في وقت جلسة المعددة وتولي كودية الزار لزمام الامور؟ هل من قلة الأدب ألا اساير الهوجة و أن اصدم الناس بكلام قد يكون فارغ في نظر البعض اللي فاكر ان الصريخ والشتيمة هما العمل الفعال وان أي ادعاء لاستخدام العقل هو مجرد سفسطة فارغة أو حتى تخاذل؟ جايز.. وممكن جدا.. واللي يقول كدا عنده حق. بس أنا كمدونة، أولا وأخيرا بأعبر عن آرائي الشخصية، من غير ما افرضها على حد ومن غير ما احاول الايحاء بان كلامي دا هو الصح وهو السليم وكل ما عاداه غلط ويذهب للجحيماستحملوني شوية عشان اعرف اوضح وجهة نظري. هأحاول أكون منظمة واتكلم على 3 محاور1- قضية غزة بالنسبالي هي جزء من قضية شعب فلسطين، وليست قضية التيارات والفصائل المختلفة التي تتحدث باسمه والتي تتصارع على زعامة دولة لا وجود لها حتى الآن. أنا انظر لهذه القضية الانسانية من منظور اخلاقي بحت، لا أفرق فيه بين فلسطيني مسلم وفلسطيني مسيحي.. لا أفرق فيه بين اماكن مقدسة اسلامية أو مسيحية.. فلسطين ارض مسلوبة وشعب تمت ابادته ونفيه وسرقة اراضيه واملاكه ودياره لزرع كيان شاذ، لا وجود لمثله في العالم2- موضوع اني انسى ان اللي بيحصل في فلسطين بيقوم به هذا الكيان الصهيوني المتمثل في دولة اسرائيل واحط اللوم على مصر واقول كلام اهطل سمعته في قناة الجزيرة دا أنا اعتبره يصب في خانة الخيانة العظمى. بس مضطرة اناقشه في ظل المهزلة اللي أنا شفتها في التجني على مصر واتهامها علنيا بالعمالة بعد كل ما قدمته وتقدمه للقضية الفلسطينية. بلدي هزيلة، ضعيفة، مريضة، لكنها شريفة ولا أسمح بتلطيخ شرفها مهما كان.3- رؤيتي الخاصة للدور الفاعل اللي ممكن تقوم بيه الشعوب العربية بعيدا عن اسلوبها العاجز في التعامل مع ما تقابله من مشاكل وازمات مختلفة بالنواح والاتهامات المتبادلة فيما بينهم بالعمالة والتخوينواحدة واحدة كداأولا: هل حد عنده شك ان الكيان الصهيوني دا كيان اجرامي منعدم الضمير؟ حد يقدر يقول ان اللي تم دا ممكن يكون له أي تبرير من أي نوع؟.. لأ طبعا. دا اجرام منظم بتقوم بيه اسرائيل منذ يوم زرعها في المنطقة، وليست قضية اليوم ولا الامس ولكنها قضية وجود كما قلت في البداية. نحن نريد لفلسطين أن تكون، والكيان الصهيوني المتحامي في القوة الامريكية المتغطرسة يريد ألا تكون.. اذن فقضية الوجود هذه قد تجسدت في صراع بين إرادتين متضادتين. والقضية هي فلسطين.. أقول فلسطين ولا أقول غزة، فمن يريدون ان يستفردوا بغزة ويفصلوها عن الضفة يعملون وفق اجندا لا تمت بصلة للقضية الفلسطينية، بل إن هذا هو نوع من تصفية للقضية الفلسطينية من الداخل، وهنا تكمن الخطورة، فلا يمكن لأي قوى خارجية أن تقوم بتصفية هذه القضية من الخارج. تقسيم فلسطين إلى مناطق خاضعة لسلطات مختلفة ومحاولة تقسيم الشعب الفلسطيني حسب انتماءاته الدينية أو السياسية هو الطريق إلى تحقيق الارادة الاسرائيلية وليس العكس، مهما كانت النواياثانيا: ما تم من زج باسم مصر وتوجيه الاتهامات لها بالعمالة لحساب امريكيا واسرائيل بشكل حقير، لدرجة ان يقول البعض ان ليفني جائت تأخذ ضوءا اخضر من مصر لبدء الاجتياح، هو جريمة أخرى.. المستفيد الوحيد فيها هو من يقوم بعمل هذه الاوركسترا لاستغلال الظرف بكل خسة لاستهداف مصر والضغط عليها.. المستفيد الوحيد هو إيران. ومن المحزن ان ترى الشعوب العربية مغيبة لدرجة تقترب من السذاجة لتتصور ان ايران ممكن ان تكون نصيرة للقضايا العربية! معلش يعني، هو مين اللي عمل الفتنة بين السنة والشيعة في المنطقة؟ مين اللي انهاردة بيقود ويمول الفتنة السنية\الشيعية في العراق؟ هو دا الدفاع عن مصالح العرب والمسلمين؟ الناس عقولها راحت فين؟.. بس أنا مش هأعتمد على موضوع مخاطبة العقول والبناء على معرفة دور ايران في المنطقة، خليني اتلكم بالبلدي زي ما دايما بتكلمشوفت في مظاهرة كلها على بعضها تلاتين نفر، واحدة واقفة بتكلم مراسل الجزيرة (طبعا) وبتقول بكل فخر احنا كمصريين بنعتذر لشعب غزة لأن النظام العميل هو اللي تسبب في اللي حصل واحنا ضد ده وجينا نقول كدا.. يا فرحة مامتها بيها بجدإيه الهبل ده؟ هي مصر بقت دولة عظمى واحنا مش داريانين ولا إيه؟ وفي المدابح اللي قبل كدا ماكانوش بياخدوا الأوكي مننا ليه؟ ولو ما وافقناش، هنعملهم إيه يعني؟ ولا ممكن عايزين يشتروا مننا سلاح متقدم مثلا؟ ولا عايزين يستلفوا قرشين عشان الموضوع مزنق معاهم؟ معقولة يعني التخريف ونظرية المؤامرة الهابلة اللي مسيطرة على دماغنا توصل للدرجة دي؟وطبعا بقى الناس دي متخيلة مبارك قاعد يتفرج على القتلى والاطفال اللي بتموت وهو فرحان وبيضحك نيااااااااهاااااااهااااااااإيه ده؟ الناس دي مش متخيلة هي بتقول إيه وهي عمالة تعيد كلام ورا قناة الحصيرة بتاعتهم من غير ما حتى يفكروا جزء من الثانية مصر هتستفيد إيه لو عملت كدا؟أهو ظابط مصري اتقتل ع الحدود عشان استباحة دمه، لأنه طبعا مصري خاين وعميل وهو اللي موت الناس في غزة مش الاسرائيلين!ساعات بحس اننا كعرب مشكلتنا الاساسية هي اننا مش طايقين بعض.. سيبك بقى من اسرائيل دي مجرد تلكيكة.. كله مصر واقفاله في زوره بالعرض، وكله مش طايق اللي جنبه وعايز يهبش فيه وخلاص. ويحضرني دلوقتي المشاهد الخالدة من اجتماعات جامعة الدول العربية، والخناقة الفتاكة بين الرئيس الليبي والملك السعودي وكل واحد منهم بيتهم التاني بالعمالة والخيانة على مرأى ومسمع من العالم. اختشوا يعني.. دا لولا مصر مصدرة نفسها في مشروع الوحدة العربية المنيل اللي مش باينله أي معالم ده كان زمانكم قاعدين تدبحوا في بعض، ولكم في غزو العراق للكويت عبرةمش هأعيد كلام قلته عن دور مصر وتضحيات مصر.. لكن غريب قوي ان خالد مشعل يطلع يقول قصايد مدح في مصر وأبو مازن انهاردة بيشيد بالدور المصري قدام العالم كله، ويجي كام واحد لا لهم في الطور ولا الطحين يقولوا مصر هي السبب! وبعدين حسن نصر الله كمان عايز يعمل فيها زعيم عربي وقاعد يدي أوامر للمصريين انهم يروحوا يطربقوا الحدود عشان الأحياء اللي هما حماس.. يدخلوا يضربوا صواريخهم الصفيح من مصر ويدخلونا في حرب! طب بالذمة فيه حد في مصر يقدر يروح يحرض شعب في أي بلد عربي على النظام بتاعه؟ بلاش الانظمة السياسية.. حد يقدر يحرض اللبنانيين ضد حسن نصر الله اللي فعلا بقى تسبب في حرب وابادة وحشية للشعب اللبناني بسبب عملية غير محسوبة باعترافه هو نفسه؟ ولما هو جدع أوي كدا وعنده صواريخ فتاكة، ما يتفضل يضرب.. هو مش على حدود اسرائيل هو كمان ولا إيه؟ طب يا سيدي احنا خونة وعملا ومنيلين بنيلة، اتفضل حضرتك يا غضنفر انصر اخوتك في فلسطين. ولا إيران ما ادتكش الاذن زي المرة اللي فاتت لما كانت عايزة تهدي الهوجة الدولية اللي قامت ضد برنامجها النووي، وكالعادة بتحارب خارج ارضها وصدرت الشعب اللبناني في وش المدفع عشان يدفع التمن وتستعرض هي نفوذها في المنطقة عشان تكسب كارت في المفاوضاتخلاصة الكلام.. النظام المصري فيه كل العبر.. ومشاكلنا كمصريين مع النظام السياسي مش معناها ابدا اننا نستخدم أي شيء ضده حتى لو اتهمناه بالعمالة والخيانة. احنا عارفين من جوانا ان الكلام ده غير صحيح على الاطلاق وعشان كدا النظام ده مستمر. احنا ممكن نستحمل كتير، ودي طبيعة المصري، انه حمول، ممكن زيادة عن اللزوم ودا السلبي، لكن لا يمكن يستمر تحت نظام يشك في ولائه أبدا. دا احنا أول من قال يا ثورة، واصحاب تاريخ طويل في المقاومة لا يعرفه شعب آخرثالثا: أنا مش ضد المظاهرات.. بالعكس.. التظاهر والتعبير عن الرأي دا اسلوب حضاري بينم عن وجود درجة عالية من الوعي والاحساس بالمسؤولية.. لما شعب يتظاهر لادانة العنف والتنديد بالظلم فدا سلوك راقي.. لما نهتم بشؤون شعوب أخرى وندافع عن حقهم في الحياة دا تصرف نبيل.. لكن الوقوف عند ده معناه ان احنا أخدنا شكل التظاهر لعمل نوع من الزار وكل واحد يرجع بيته من المظاهرة مرتاح وحاسس انه عمل اللي عليه، مع انه معملش حاجة. هو عبر عن موقف، لكنه لم يساهم في عمل شيء يدعم هذا الموقف... طب نعمل إيه؟ وقت الكوراث بتكون الاولوية هي التخفيف عن من اصابتهم هذه الكوارث. وبالفعل بيتم نقل للمصابين في رفح وارسال اطباء في مستشفيات غزة لمساعدة الفرق الطبية هناك. ومعتقدش انتم محتاجين اقولكم إزاي ممكن تساعدوا. أنا عارفة ان كتير منكم بيتبرع للاغاثة، لكن ما تجربوا التواجد جنب الناس دي؟ يعني اللي عايز يروح يحارب أكيد مش صعب عليه يروح رفح ويتطوع لخدمة المصابين هناك، ياخد معاه ملابس وأغطية وأكل ويروح بنفسه يكون جنب الناس دي، يحسسهم انهم مش لوحدهم. الامكانيات في رفح مهما كانت أكيد محدودة، وأكيد دوركم هناك هيكون مهم. لكن الأهم هو ما بعد هدوء العاصفة، مش ممكن ننسى اللي حصل كأن شيئا لم يكن وننام بقى لغاية الكارثة الجاية. أعتقد من المهم ان يكون هناك نوع من الدعم المستمر للقضية الفلسطينية واننا نفوق من محاولات بعض الجماعات السياسية للتلاعب بالرأي العام واختزال القضية في ملفات محددة لمصالح لا تخدم الشعب الفلسطيني. لازم يكون فيه جماعات شعبية غير مسيسة، هدفها هو تقديم الدعم بكل أشكاله للقضية الفلسطينية، مش استغلالها والاتجار بمعاناة الشعب الفلسطيني لأهدافها الخاصة. لازم نرجع القضية الفلسطينية لمسارها الصحيح كقضية مصير شعب له الحق في وطنه، وكقضية انسانية بالمقام الأول، وليست حرب دين ضد آخر أو فصيل ضد آخر. طول ما القضية الفلسطينية مخنوقة لأن من يدافعون عنها يدافعون عن اجندات جانبية هتفضل معلقة ومفتتة. الدور الشعبي المصري الحقيقي هو اننا نكون جبهة تعيد القضية لمسارها الصحيح. لكن المجتمع المدني عندنا للاسف ضعيف جدا، فلماذا لا يتم استثمار هذه الشحنة الحماسية لتقوية هذا الاتجاه والبدء بملف القضية الفلسطينية التي تشغلنا جميعا؟دا مجرد تصور بسيط، لكن أرجو ان الرؤية كلها تكون واضحة بغض النظر عن تفاصيل المقترحات اللي أكيد منكم كتير ممكن يكون عنده افضل منها. لكن المذهب الراديكالي المدمر اللي عايز دم وخلاص، دم مين مش مهم، دا لن ينتج عنه أي شيء سوى الدمار والخراب. مشكلة حماس وحزب الله هي ان المقاومة عندهم معناها اننا نقاتل وخلاص، زي ما تيجي تيجي. مفيش أي نوع من التحرك المدروس أو استطلاع الظروف او دراسة متأنية للوضع، والنتيجة بتكون دايما كارثية لأن الحسابات بتكون غلط. أنا لا أحملهم مسؤولية ان عدونا مجرم، لكن القليل من العقل ممكن أن يفيد. يعني رفض حماس لتجديد التهدئة كان غير محسوب لأن ببساطة الصراع الداخلي في اسرائيل بيخلي كل تيار فيها يتنافس في تصوير نفسه على انه الاقدر على حماية أمن اسرائيل، والولايات المتحدة فيها انتقال سلطة ومش ممكن تتدخل. حماس عايزة تكسب بنط في ظل قرب انتهاء فترة محمود عباس، ودا طبيعي في ظل التناحر السياسي الفلسطيني للاسف، لكن لابد من مراعاة اعتبارات اخرى، ما ينفعش اكون قصير الرؤية لدرجة اني أدمر كل اللي حواليا عشان مكسب سياسي محدود، وبعد كدا أحاول أصور ان اللي عايز يهدي الوضع ويحقن الدماء عميل، وان اللي عايز كل الناس تموت هو اللي وطني ومقاوم! لو المقاومة هي اني الغي الواقع والغي المنطق واحارب لغاية آخر روح ما تطلع، تبقى دي مش مقاومة، دا انتحار جماعي، بس المصيبة ان اللي بيروح فيه ناس مالهمش ذنب، مش بس المنتحرينوأخيرا.. كلمات الدنيا لا يمكنها تقديم العزاء الواجب، ومهما كثرت الدموع وعظم الألم فلن يكفي للتعبير عن فداحة الجريمة. يبقى الأمل في قلوب عامرة بالخير وعقول واعية وشباب صاحب ارادة يمكنه أن يغير المستقبل
5.1.09
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق