7.7.09

زمن شبرا ........هل يعود ؟؟ بقلم الأستاذه نجلاء بدير عن الدستور

الجزء الاول:هذا التعليق كتبته قارئة مُسلمة اسمها ماجي خليل لم أستطع اختصار سطر واحد.بدأت الدموع تملأ عيني بعد جملة مستشفي كتشنر.. واستمرت..أعتقد أنني من نفس جيل ماجي الشبراوية..ياه.. زمن :(أنا شبراوية من شبرا. عاوزة أكلمكم عن الزمن الجميل اللي عشته فيها وكان خالياً من التعصب اللي بنشوفه دلوقت، أنا اتولدت فيها وعشت معظم سنين عمري.و بحبها.... بحبها علي رأي عبد الحليم. باحب الجنينة الكبيرة اللي قدام العمارة اللي كانت صالة أفراح أو صالة عزاء لكل الجيران مافيش مسلم أو مسيحي. ومولد النبي ومولد ماري جرجس ما تعرفش الفرق بين مين بيشتري الحمص والحلاوة من اللي بيشتري خاتم عليه أيقونة العدرا. وكنيسة سانت تريزا والشمعة اللي لازم كل يوم امتحان الصبح تتولع، ولوسي صاحبتي في مدرسة الراهبات واللي علشانها كنت بادخل معاها كنيسة المدرسة كل يوم الصبح نصلي مع بعض لا الراهبة منعتني من الدخول ولا لما ماما عرفت زعلت ولا غضبت، وبابا قال كلها صلوات لله، وكان باباها القسيس بيستشهد كتير في كلامه العادي بآيات قرآنية وأحاديث، وأذان الفجر والمغرب في الجوامع حوالينا في رمضان، وأجراس الكنائس كل يوم أحد، وفي الأعياد نسهر سوي ننقش الكعك ونعمل البسكويت قبل كل عيد سواء عيدنا أو عيدهم، والصواني طالعة من بيت والصحون المرشوشة سكر داخلة البيت التاني، وكان نفس الطبق لابد أن يعود محملاً بالحلوي، وجورج ابن تانت تريزة أخويا في الرضاعة بناء علي نصيحة لوالدته اللي ما كانش بيعيش لها أولاد، فكان من نصيبي نرضع سوي من والدتي ووالدته. وزفة الحجاج لما يرجعوا من العمرة أو الحج. ومستشفي كتشنر اللي توفت فيه أختي بعد الولادة واللي لما احتجنا لها دم تسابق الجيران اللي يعرفنا واللي ما يعرفناش من غير ما يسألوا هي «مديحة» دي مسلمة ولاَّ مسيحية، وبنتها اللي احتضنها كل ستات العمارة حتي عندنا من بلدتنا بعد العزاء، وشبابها الرجالة اللي لو حد مش من الحتة عاكسنا يكون عليه العوض، والسبت اللي نازل طالع من البلكونة طول النهار لبتاع العيش وبتاع الفول والبليلة وبتاع الخضار والفاكهة وبتاع الزبادي واللبن آخر النهار.الجزء الثاني:تواصل القارئة ماجي خليل رحلة الحنين لزمن شبرا والبحث عن الأمان المفقود في حواري وشوارع الحي ..عمرنا ما سألنا البياع إنت مسلم ولا مسيحي، وسلم العمارة اللي كل يومين ثلاثة يتكنس ويتمسح كل جارة تنظف قصاد بيتها، والجمعيات اللي بيرتبوها حسب حاجة كل أسرة: فأم ماري تأخذها على ميعاد جوازة بنتها وماما دورها في دخول المدارس وهكذا باقي الجيران، كنا نبعت شغالتنا تستأذن من جارتنا طنط عايدة في لم الغسيل المنشور على الحبل قبل ما ننفض السجاجيد، وكانت أم أمال تستأذن قبل نشر غسيلها فوق غسيلنا، صفارة أي حد من أولاد الجيران أو نداء بإسم واحد فيهم كاف علشان كل الجيران تفهم وتنوره له نور السلم من أو دور لآخر دور أصل ما كانش فيه ماكينة نور اتوماتيك، إيه الحب ده كله اللي كان بيجمع الناس ؟ إيه الأمان والتسامح اللي كنا عايشين فيه؟ إيه الناس الرايقة البسيطة اللي تطلع منها صباح الفل بريحته، والسلام اللي يترد عليه حتى كل مرة بأحسن منه حتى لو عديت ألف مرة جامع أو كنيسة، ومن غير بوليس معسكر قدامها 24 ساعة، وابن الجيران لبيب المحامي اللي لم تثق في غيره، وعندما مات أبو جورج منع والدي علينا مشاهدة التليفزيون للأربعين مشاركة منا في أحزانهم . فما الذي حدث؟ هل العيب فينا أم في الزمن؟ احنا امتداد لنفس الناس ... والناس دي هي اللي ربتنا ... طيب العيب فين؟ فينا ولا في الزمن؟ إيه اللي ممكن نعمله علشان الزمن ده يرجع؟ (تعالوا نفكر سوى!!).انتهت رسالة ماجي قرأتها أكثر من مرة لأعرف ما الذي حرك مشاعري بهذه القوة. بالتأكيد ليست الفكرة الرئيسية التي قصدت ماجي التعبير عنها وهي حالة التسامح بين المسلمين والأقباط التي نفتقدها الآن.شئ ما آخر بين السطور في الرسالة مسني شخصياً.أعتقد أنه تشابه الظروف، حقاً لم أكن شبراوية، لكنني كنت أصلي مع ماري أول صاحبة لي في الدنيا في كنيسة سان جوزيف في سوهاج، تذكرت طفولتي، ثم تذكرت سنوات المراهقة الجميلة التي عشتها في بيوت الجيران، وتذكرت الروقان. أعتقد أنني بكيت لأنني مفتقدة هذا الروقان بشدة. أول مرة انتبه إلى أننا لم نكن نرى سيارات أمن مركزي في الشوارع. وأول مرة انتبه إلى أنني لم أعد أسمع صفارات أولاد الجيران المنغمة التي ترمز إلى معاني سرية متفق عليها بينهم.ياه ..إلى هذا الحد الشعور بالحنين مؤلم . الأكثر إيلاماً يا ماجي ان زمن شبرا لن يعود .. ولا التسامح ولا الأمان ولا الحب .. استريحي من التفكير واستسلمي للحنين المؤلم.للكاتبة :نجلاء بدير ...جريدة الدستور

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق