البابا ( شنوده ) بقلم الأستاذ عبد الهادى راجى المجالى ( الراى الأردنيه )

امس تابعت برنامجاً عن (البابا شنوده).. ربما تناسى معد البرنامج ان يضع في التعليق جملة اشتهر فيها (البابا شنوده) وهي «نحن لا نعيش في مصر بل هي مصر التي تعيش فينا». المهم.. لهذا الرجل في مصر حضور خاص.. فهو الوحيد الذي تجاوز المسألة الروحية لموقعه في الكنيسة المصرية.. الى المسألة السياسية، واشتبك مطولاً مع السادات.. وفي النهاية وفي بداية الثمانينيات قام السادات بعزله من موقعه وهذا الامر .. غيّر وجه الكنيسة القبطية في مصر فالبابا لا يُعزل.. ذلك ان القرار (الكنسي) اقوى واكبر من القرار السياسي.. كان البابا شنوده، يحتج على القرارات بالصوم والاعتكاف، ويمضي سحابة نهاره في الصلاة وزراعة الخضار والاعتناء بالورد.. والاهم من كل هذا ان اعداءه وحساده، لم يستطيعوا ان يسجلوا عليه موقفاً طائفياً.. لأن حركته ومساره كان وطنياً. راقبوا رجال الكنيسة كلهم، وراقبوا (شنوده) من دونهم.. عيونه دوماً دامعة، وصوته متهدج، وجبهته تحمل طهراً وبهاءً غريباً.. واذا جلس للصلاة في كنائس الاسكندرية يرمي رأسه على كتفه.. ويبدو مشهده اشبه ببراءة طفل عذبته الايام. في البرنامج الذي شاهدته على احدى الفضائيات امس، تناسى المعدّ ربما عمداً ان يقول ان (شنوده) ايضاً أسس للأقباط كنيسة مصرية في التفاصيل والملمح والمسار.. ورفض دوماً وفي كل المنعطفات ان (يدوّل) الصراع .. او ان يستنجد بالغرب وكان في كل مرحلة اقصاء او تهميش ينعزل في (ديره) للصلاة والعبادة والصوم.. ولم تطأ قدماه أي سفارة غربية ولم يلوث لسانه بالتصريح لأي تلفاز اميركي.. ولم يستنجد بأوروبا.. (البابا شنوده) شخصية محترمة في التاريخ العربي وفي الثقافة الاسلامية وفي المسار الانساني.. وقد كتبت هذا المقال.. كي يسمح لي (قداسته) بأن اسرق منه جملة ظل يرددها عن مصر وهي: (نحن الاقباط لا نعيش في مصر ولكن مصر تعيش فينا) (ونحن الاردنيون لا نعيش في الاردن بل هو الاردن الذي يعيش فينا).