عزرائيل الرحمة
مصر 2010
**********************************
كنت قد انفعلت جدا مما ذكره الأستاذ خالد حنفى على مدى أسبوعين فى جريدة الفجر عن موضوع وجود السيدات المنتقبات فى مبنى التليفزيون ماسبيرو.
ولم تكن هذه المرة الأولى التى أنفعل فيها من هذا الموضوع.. فقد انفعلت من قبل.. وقعدت أنفعل كتير.. وأعد بتكرار الانفعال.. وكنت قد عبرت عن هذا الانفعال فى أماكن أخرى وعلى مدى سنوات عدة.. لكن ما يضرش أن ننفعل تانى.. حتى نصل إلى حل لهذه الظاهرة.
فالنقاب بالنسبة لى هو التلتيم.. أو اللثام.. أو التخفى.. فليس من الطبيعى أن يضع المرء شيئا على أنفه ليكتم نفسه.. ولا على فمه.. لأنه مش كلب يجب تلتيمه حتى لا يعض الناس.. ولا على آذانه فيسدها ويظل يردد لفظة «إيه؟. إيه؟» لأنه مش سامع.. وحيث إن البطاقة الشخصية للفرد تقبع فى وجهه.. فليس من المنطقى أن تخفى بطاقتك الشخصية عن أحد إلا إذا كنت تنوى التخفى.
إذن التخفى له واحد من ثلاثة أسباب.. إما أنك تريد أن تفعل شيئا تخاف أو تستحى منه ولا تريد أن يشهد عليك أحد.. وإما أنك عايز تخوف حد.. أو أنك تشعر بالعار من إظهار بطاقتك الشخصية التى هى وجهك.
بدون ترتيب.. صاحب اللثام.. ولنقل صاحبة اللثام، حيث إن النقاب ارتبط بالمرأة رغم عدم وجود ضمانات بأن الذى تحته هو امرأة.. حتى لو كانت التضاريس تشير إلى ذلك.. فالتضاريس أسهل شىء يمكن غشه، واسألوا البرتقال أبوسرة.. رغم أنه يأتى فى المراحل الأخيرة.. لأنه يبدأ بكور البينج بونج التى كنا نحشرها فى الفانلة عندما كنا فى الثالثة من العمر لنبدو وكأننا كبرنا وبقى عندنا صدر.. ثم تطورت إلى برتقال بلدى أو سكرى عندما وصلنا إلى الخامسة.. وفى سن الثامنة كنا نحشر برتقال أبوسرة من باب المبالغة.
وتلك الملثمة تريد أن تخوفنا.. فهى تصر على تقليد كل تراث التخويف الذى تربينا عليه.. من أول زورو إلى رجالة أسامة بن لادن.. مرورا بأشباح النينجا وخط الصعيد.. وحرامية البنوك.. ويتأكد ذلك من الإصرار على أنه يكون أسود.. حتى يكون الذعر على أصله.. خصوصا لو ظهرت بالليل على سلم العمارة.. أو قابلتها فى حارة ضلمة خارجة من خرابة وللا حاجة.. وهى تريد أن تخيفنا لأنها تفرض وجودها متخفية وراء مظهر دينى (من وجهة نظرها) فتلجم ألسنتنا عن سؤالها من هى.. أو هو.. بل علينا أن نوسع لها الطريق ونضرب تعظيم سلام ونأخذ جانبا ونرتجف لأنها تمر.. شاعرين أننا كلنا كفرة لأننا لم نرقى لهذا المظهر المحتشم.
أو أنها.. هى أو هو.. تريد أن ترتكب فعلا ليس عليه شهود.. أخلاقيا كان أو إجراميا.. فمن حقها أن تذهب إلى أى مكان وتدخل أى عمارة أو شقة أو شركة أو مكتبا دون أن تظهر تحقيق شخصيتها الحقيقى وهو وجهها.. أو وجهه.. فتفعل ما تفعل وتنصرف دون معرفة مين اللى عمل العملة.. بدءا من جرائم القتل وانتهاء بإطلاق ريح فى الأسانسير وقتل زملاء الصعود بفعل الغاز الطبيعى.. فهل من المعقول أن توجه أصابع الاتهام لسيدة منتقبة وقورة بأكل الكرنب؟
أو أنها مستعرية من وجهها الذى هو فى عرفها عورة.. أو خجلانة من أنها وحشة.. أو محروقة.
أو هى تنصاع لأوامر رجل فاقد الأهلية.. منزوع الثقة بالنفس.. قرر أن يكيسها اتقاء لمخاطر تدور فى خياله وحده ويعلم تمام العلم أنه غير مؤهل لمواجهتها.. ولا أستطيع أن أنسى هنا بعض المظاهر التى لا تنسى.. منها ذلك الرجل الذى كان يصيف فى الغردقة فى عز الصيف والدنيا قيالة.. فكان يظهر كل صباح على الشاطئ مرتديا اللباس الشرعى أو المايوه الإسلامى.. وشبشب زنوبة.. واضعا على ظهره بشكيرا ملونا ومدفئا صدره بذقن طويلة كثة لم تتخلص بعد من فتافيت الخبز والكورن فليكس الذى لهفه على الإفطار.. ويتمخطر متجها إلى الرمل وخلفه كيس أسود منتفخ بثقبين.. ويجلس الرجل على الشاطئ متأنتخا مزهوا بجمال كرشه.. ناظرا للمصيفين بعيون ناقمة.. بينما الكيس الأسود بجواره يحمل كيسا آخر بحجم كرشه فيسحب منه فول سودانى بقشره..
وهات يا قزقزة تحت النقاب.. ثم يقوم كيفن كوستنر الشرق لينطس فى الماء بينما الكيس يراقب فى غلب.. فإذا وجد الأخ أن الشاطئ خلا قليلا من المصطافين.. سمح لكيسه بالنزول إلى الماء.. فينزل الكيس ليخرج وقد التصقت الجلابية بكل التضاريس فأصبحت فى قمة الوضوح والتفصيل مما يغنى فى هذه اللحظة عن رؤية الوجه المتخفى.. وحش حلو بقى مش مهم.
ولذلك لا ولن أفهم معنى النقاب.. لا فى مبنى ماسبيرو ولا غيره.. فإذا كانت الممرضات المنتقبات أمرا مرفوضا على جميع المستويات العلمية والطبية والإنسانية والشكلية.. فإنه مرفوض تماما فى كل الأماكن.. كيف أسلم ابنى فى الحضانة لمدرسة منتقبة؟.. كيف أتعامل فى البنك مع موظفة منتقبة؟.. أو أشترى أى شىء منها؟.. كيف أقوم بتعيين منتقبة؟.. إن نصف الإنترفيو قائم على استكشاف الشخصية.. والعنصر الأول لتمام ذلك هو الوجه.. ماذا حدث لسيماهم على وجوههم؟.. وإذا عممنا موضوع الكاميرات المزروعة.. ماذا ستصور هذه الكاميرات؟.. فى الفنادق والمولات والشوارع والشركات الخ.. ما معنى وجود منتقبات.. سيدات كن أو رجالا.. فى الوزارات والمصالح الحكومية الحساسة؟.. وأعلم أن هناك أعدادا كبيرة من المنتقبات فى وزارات وأعمال تتصل اتصالا مباشرا بأمن الدولة.. ومنها على سبيل المثال مجمع التحرير.. إن أمن أى مكان فى هذا البلد.. حتى لو كان سوبر ماركت هو من أمن البلد والدولة.
ولذلك أتفق تماما مع من قال إن هذه الظاهرة تشكل خطرا على الأمن العام.. ولا أفهم لماذا لا يمنع هذا النقاب تماما.. بيد الدولة التى تريد أن تحافظ على أمنها.. إن الأمر يجب أن يخرج من جهة سيادية عليا فيحسم الموضوع.. ويرفع الحرج عن كثير من الوزراء والوزارات والأماكن الحساسة التى تعج بهذه الأكياس.. هذا أمن بلد.. ليس فيه نقاش.. هكذا ترى الدولة وهذا شأنها وهذا قانونها ونخلص..
فإذا أرادت جهات أو مجموعات من التى تخيفنا وترهبنا وتزهقنا وتريد طردنا من البلد أن تثير بلبلة أو تصدر إنذارات رعب وانتقام ستجد أنها أمام نظام دولة.. مافيهوش هزار.. عجبهم أهلا وسهلا.. ما عجبهمش يرجعوا للى بعتوهم لينا.. ويا دار ما دخلك شر.
http://www.shorouknews.com/Columns/colum
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق