في سابقة من نوعها تكشف عن المعدن المصري الأصيل الذي لم يتغير بعد أن طالت هذا البلد يد الغدر والأصولية والتطرف والإرهاب والأمن الغاشم والبطش وكل المعاني السوداء التي لن يتسع لها صدري لكتابتها الآن، فاليوم قلمي يرقص فرحاً وأنا أكتب تلك الكلمات التي يقشعر لها بدني عند كتابتها فقد قام إمام جامع بمدينة ملوي يدعى الإمام خلف عبد الرحمن بالسفر للقاهرة وبحوزته
مبلغ عشرون ألف جنيهاً دفعها مبلغاً مقدماً لمحامي مسلم في محاولة أخيرة لإنقاذ المقاول رفعت وأخيه إبراهيم، وقد أكد الإمام خلف على أنه سيقف مع المتهم للنهاية وسيقوم بالدفع على نفقته الشخصية مهما كلفه الأمر وأنهما أصدقاء لمدة تجاوزت الخمس عشر عاماً وأنه لن يتخلى عنه مهما حدث هذان المتهمان اللذان كانا قد اتٌهما زوراً وعدواناً بالقتل العمد واللذان قد يواجهان عقوبة الحكم بالإعدام خلال الساعات القليلة القادمة، ويأتي ذلك الفعل القوي الملئ بالحب والمحبة والترابط والارتباط ليدل على أننا جميعاً بشر نشعر بالحب وبالألم عند ألم الآخرين، وبالترابط في الأزمات.
وقد أتت تلك المشاعر الطيبة من قبل ذلك الرجل الشجاع القوي الذي واجه بكل تأكيد صعوبات من جهة المحيطين في اتخاذ ذلك القرار الشجاع والذي بمثابة صفعة قوية على وجه النظام الذي يخضع للعبة التوازنات السياسية قد يكون خوفاً من هجوم الإخوان أو خوفاً من هياج مسلمي الشارع المصري، فقرر أن يزج ببريئان إلى مقصلة الإعدام حتى تثبت لهم كراسيهم وهو لدلالة على ضعف يد الحكومة التي أقصرت مهامها على الحفاظ على الكراسي وضمان عدم الهياج لحفظ ماء الوجه أمام المجتمع الدولي مهما كلفها الأمر من تعذيب وسحل وتشتيت أسر بحالها فهو أمر لا يهم النظام من بعيد أو من قريب بل أصبح من مهام الجهاز الأمني اليوم الحفاظ على الأمن حتى ولو كلفهم الأمر الطرق اللا إنسانية واللا أخلاقية.
جاء سلوك الإمام الملتحي الذي يعتلي منصب إمام وخطيب جامع لمدة 33 عاماً ليوضح معنى المصري الأصيل الذي عاش جنباً إلى جنب مع أخيه المصري إلى أن تدخلت الوهابية والأصولية والحكومية.
عاشت تلك المشاعر وعاشت الإنسانية تعلو فوق الأديان والأنظمة والتوازنات السياسية تلك اللعبة القذرة التي طالت الكبير قبل الصغير فقد أعطى الإمام خلف عبد الرحمن درساً قوياً للجميع بعنوان الحب.
فهل يأتي القضاء المصري بفعلة أكثر شهامة ونبلاً تجاه المصري وأخيه المحبوسان ظلماً وقهراً بأن يعطيهما أقل حق لهما وهو الحياة والحرية بكرامة بدون تعرض لهما كيما يكملا حياتهما بهدوء. بعد أن أمضيا حوالي ستة أشهر في سجون مصر وهي غنية عن التعريف فهي لها سمعة عالمية في مجال السحل والتعذيب والتجويع، وكل ما يخطر على بال بشر من سلوكيات غير آدمية؟!!
نأمل في أن يمضي الحلم في طريقه وتأتي الحقيقة لتماثل الحلم!!!!
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق